شروين المهرة: غرفة الأخبار
بدأت الأسواق في العاصمة اليمنية صنعاء بتداول إسمنت مستورد من باكستان بشكل مفاجئ أثار ردات أفعال صادمة، بعد ضخ شحنة مستوردة يتم بيعها بعبوات خاصة بمنتجات مصنع عمران الوطني للإسمنت الذي تعرض لقصف إسرائيلي عنيف في مايو/ أيار الماضي 2025.
وهو ما استدعى قيام المؤسسة العامة للإسمنت في صنعاء بالتبرير والتوضيح بشأن الشحنة المستوردة من الإسمنت المثيرة للجدل، والتي تزيد وفق تقديرات متعاملين في الأسواق عن 500 ألف كيس، حيث اعترفت بقيامها وبقرار رسمي من قبلها ومصانعها باستيراد الشحنة المشار إليها من مادة الإسمنت الجاهز، ووضع علامة مصنع عمران عليها.
وترفض الجمعية اليمنية لحماية المستهلك في صنعاء هذه الشحنة وتعتزم تقديم الشكوى بشأنها إلى النائب العام حسب حديث رئيس الجمعية فضل منصور لـ”العربي الجديد”. وأكد منصور أن موضوع شحنة الإسمنت التي وصلت إلى ميناء الحديدة، وما حدث من تداول الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأن الشحنة استوردتها المؤسسة العامة لصناعة وتسويق الإسمنت من باكستان، ووضعت الشعار والعلامة التجارية، إسمنت عمران، عليها بمثابة مخالفة جسيمة ما كان يجب أن ترتكبها مؤسسة عامة حكومية 100%.
واعتبر أن ما ورد في بيان المؤسسة اعتراف صريح بقيامها بعملية غش البيانات وتزويرها ووضع علامتها التجارية، إسمنت عمران، على إسمنت باكستاني والذي يعد انتهاكا صريحا لحقوق المستهلكين. كما يعد ذلك مخالفة صريحة لقانون حماية المستهلك رقم 46 لسنة 2008 وقانون التجارة الخارجية وقانون المواصفات والمقاييس وقانون العلامات التجارية، وقانون الجمارك، حسب منصور.
وأرجعت المؤسسة العامة للإسمنت في صنعاء سبب ذلك لتغطية النقص في السوق المحلية الناتج من توقف بعض مصانعها (عمران وباجل) جراء العدوان الإسرائيلي الذي استهدفها. وقد جرى ذلك وفق الإجراءات القانونية والتجارية السليمة وبالمواصفات القياسية المعتمدة في إسمنت مصنع عمران، والتي يشترط فيها أن تكون في مستوى الخصائص الكيميائية والفيزيائية بما فيها قوة كسر المكعبات، أفضل من الحد الأدنى المسموح به في المواصفات العالمية وبمعدل يضمن الاستخدام الآمن للإسمنت، حسب المؤسسة.
في السياق، يقول رئيس جمعية حماية المستهلك اليمنية في صنعاء، إن الجمعية تطالب بشكل دائم بضرورة تفعيل الدور الرقابي للجهات المعنية على مستوردي ومنتجي الإسمنت في اليمن والمعامل والمطاحن، وضمان الجودة وفقاً للمواصفات والمعايير القياسية المحددة من قبل الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة، وضرورة أن يكون العمل تكاملياً بين جميع الجهات المختصة لاتخاذ القرارات المناسبة فيما يخص الاستيراد، بما يضمن حماية المستهلك ويحافظ على توازن الأسواق ودعم الإنتاج المحلي وتنميته وتطويره.
وتؤكد المؤسسة العامة للإسمنت أن الشحنة المستوردة خضعت للفحص الفني الدقيق من قبل شركة فاحصة عالمية معتمدة دولياً في بلد المنشأ، حيث إنها مطابقة تماماً للمواصفات العالمية وبنفس جودة الإسمنت المنتج محلياً في مصانع المؤسسة، كما تم إجراء الفحص والتحقق محلياً من قبل الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة في ميناء الصليف بمحافظة الحديدة، كما أكدت ذلك نتائج الاستخدام الفعلي في السوق إذ أظهرت الاختبارات التي تمت أثناء الاستخدام أن قوة الإسمنت تفوق القوة المطلوبة بمعدلات عالية.
وبخصوص الجدل الدائر حول استخدام شعار “مصنع إسمنت عمران” وهويته، والذي اعتبره كثيرون بمثابة غش تجاري؛ أوضحت المؤسسة العامة للإسمنت، في بيان رسمي اطلع “العربي الجديد” على نسخة منه، أن استخدام الشعار على هذه الشحنة إجراء تجاري رسمي وشفاف، يهدف إلى حماية المستهلك اليمني والحفاظ على الثقة الراسخة بعلامة “الإسمنت العمراني”، تأكيدا على إشراف المؤسسة الكامل على جودة المنتجات التي تقوم بتوريدها او الإشراف عليها، مشيرةً إلى أن ما ورد من اتهامات وألفاظ مسيئة لا يعدو كونه حملة تشويه مغرضة.
ويرى قانونيون ومختصون في الجودة والمقاييس أن ما حصل يعتبر غشاً تجارياً واضحاً لا تتم معالجته ببيان نفي مهما كان متقناً. القانوني علي الدبعي، يشير لـ”العربي الجديد”، إلى وجود مخالفات فيما حصل وفقاً للقوانين التجارية في اليمن، ومنها قانون التجارة الخارجية لعام 2007، إضافة إلى قوانين أخرى مثل قانون الاستثمار والهيئة العامة للمواصفات والمقاييس والملزم بتطبيق مواصفات قياسية محددة للتأكد من المواد الداخلة في إنتاج الإسمنت.
وتتحدث مصادر مسؤولة في مؤسسة الإسمنت أن العملية تمثلت في استيراد شحنة إسمنت سائبة، ونظراً لعدم توفر أكياس لتغليف الإسمنت تم بعد التشاور الداخلي في المؤسسة اللجوء لاستخدام العبوات ونوعية “الأكياس” المستخدمة في تعبئة منتجات مصنع إسمنت عمران وهو مصنع عام تابع للدولة في اليمن، وذلك تحت علامة تجارية للحفاظ على الحصة السوقية للقطاع العام، والتي تعزز الاقتصاد الوطني وتوفر الاحتياجات السوقية للإسمنت تحت إشراف ورعاية من القطاع العام لغرض حماية المستهلك والحفاظ على الحصة السوقية التي يستحقها القطاع.
ويباع الإسمنت في اليمن بحسب الصنف والنوعية، وفق حديث تاجر إسمنت في صنعاء محمد الوجيه لـ”العربي الجديد”، فهناك أصناف الإسمنت العادي وهناك الأحمر والأخضر والأبيض، وذلك وفقاً للمصنع الخاص بالإنتاج.
