المهجرون بسبب الصراع الدائر في اليمن منذ العام 2015، هم أبرز ضحايا الأزمات المعيشية الحادة والمستمرة، كما هو حاصل في مأرب شرق اليمن التي احتضنت مئات الآلاف من النازحين طوال الأعوام الثمانية الماضية الذين يكابدون حياة قاسية، مع افتقارهم لأبسط الاحتياجات المعيشية الضرورية اليومية.
ويأتي غاز الطهو في طليعة الأزمات المستعصية عن الحل في معظم المدن والمناطق اليمنية التي تعاني شحا في المعروض، واختناق إمدادات وصل إلى ذروته منذ شهور، مع ارتفاع الطلب على هذه السلعة التي تحافظ على مستوى أسعارها المرتفعة.
ويأتي ذلك، بالرغم من إعلان السلطات المختصة في صنعاء ومدن يمنية أخرى عن تخفيض جديد بمبلغ 500 ريال في سعر الوقود، اقتصر إلى جانب الديزل على البنزين، مع وصول سعر الصفيحة عبوة 20 لتراً إلى 9500 ريال من 10000 ريال يمني.
وكانت الحكومة اليمنية قد وجهت خلال الأيام الماضية بمضاعفة التنسيق مع السلطات المحلية، والعمل وفق مبدأ تكاملي لمعالجة التحديات التي تواجه المواطنين في الجوانب الخدمية والمعيشية.
وتتركز أزمة غاز الطهو بشكل رئيسي طوال الفترة الماضية في مأرب شرق اليمن التي تزود المدن والمحافظات في اليمن بهذه السلعة المنزلية من الحقول المنتجة التابعة لشركة صافر الحكومية في المحافظة.
يشير المواطن صالح الحاج، من سكان مدينة مأرب، لـ”العربي الجديد”، إلى أن استغلالا بشعا حصل خلال الفترة الماضية من قبل التجار ووكالات التوزيع في إخفاء غاز الطهو بهدف بيعه في السوق السوداء بأسعار مرتفعة.
من جانبه، يؤكد المواطن إبراهيم حميد، نازح في مأرب لـ”العربي الجديد”، أن غاز الطهو انضم لأزمات أخرى يكابدون بسببها كنازحين من حياة قاسية لا يستطيعون تلبية احتياجاتها، في حين يوضح نازح آخر أحمد غيلان، أن قنينة الغاز تجاوز سعرها 10000 ريال.
مبلغ لا يستطيعون دفعه في ظل احتياجات أخرى تلتهم معظم ما يحصلون عليه من دخل شحيح مثل إيجارات المساكن المرتفعة إلى مستويات قياسية في مأرب، مع اضطرار كثير منهم للعمل بالأجر اليومي في قطاع البناء وبعض الأنشطة الاقتصادية والتجارية بمبالغ ضئيلة للغاية، وفق غيلان.
في السياق، أعلنت شركة الغاز الحكومية بمأرب، عن تنفيذ برنامج طارئ لبيع أسطوانات الغاز عبر شاحنات خاصة في الأحياء السكنية ومخيمات النازحين.
وحسب مصدر مسؤول في الشركة، لـ”العربي الجديد”، فإن هناك كميات إضافية تم ضخها وتوزيعها إلى جانب حصص الوكلاء المعتمدين في الأحياء والمديريات، من أجل ضمان استقرار تمويل السوق بمادة الغاز المنزلي وتخفيف معاناة المواطنين والنازحين، وضمان وصولها إلى المستهلكين بيسر وسهولة وبالسعر الرسمي.
المحلل الاقتصادي كمال الباشا، يقول لـ”العربي الجديد”، إن مأرب استقبلت العدد الأكبر من النازحين الفارين من جحيم الحرب في اليمن، والذين يقدرهم بأكثر من مليون نازح في صورة تجسد بشاعة الحرب والصراع الذي شهده اليمن طوال الأعوام الماضية.
كما يتضمن برنامج شركة الغاز الحكومية بيع الغاز المباشر من المنشأة عبر أسطول من الشاحنات لسد العجز ومواجهة زيادة الطلب في السوق للمواطنين وتغطية الأحياء والمخيمات التي ليس لديها وكيل، إضافة إلى البيع المباشر يومياً لعدد 1500 أسطوانة “قنينة”، وبيع 5000 أسطوانة “قنينة” عبر الوكلاء، بما يمكن المواطنين من الحصول على مادة الغاز المنزلي بيسر وسهولة وبالسعر المناسب وتخفيف معاناة النازحين خلال شهر رمضان.
من جانبها، أعلنت الشركة اليمنية العامة للغاز في صنعاء، في وقت سابق، عن بدء تفريغ سفينة محملة بنحو 6 آلاف و602 طن متري من الغاز في ميناء الحديدة الواقع تحت سيطرة الحوثيين شمال غرب اليمن، إضافة إلى وجود سفينتي غاز محملتين بأكثر من 16 ألف طن متري تنتظران استكمال تفريغ حمولتهما في الميناء، في حين تتضمن آلية البيع والتوزيع عدة برامج، منها عبر “عقال الحارات” والوكلاء والبيع عبر محطات السيارات، وكذا البيع المباشر للمواطنين.
بدوره، يوضح الباحث الاقتصادي مختار السعيدي، لـ”العربي الجديد”، أن النازحين في مأرب يتكدسون في مخيمات ضيقة ومحدودة تفتقر لأبسط الخدمات الضرورية، أو في مساكن وعقارات مكلفة في مدينة تعتبر إيجارات المساكن فيها الأكثر ارتفاعاً على مستوى اليمن، لافتاً إلى أن هذا العدد الكبير من النازحين تسبب في زيادة الطلب السلعي إلى مستويات قياسية، وبالتالي تصاعد الأزمات المعيشية والاختناقات التجارية.
وفي المقابل، تواصل السلطات المعنية في اليمن تشديد الرقابة على الأسواق وضبط السلع المغشوشة، إذ نفذت السلطة المحلية في مدينة مأرب بالتعاون مع مكتب الصناعة والتجارة بالمحافظة حملات ضبط واسعة طوال 3 أشهر أدت إلى إتلاف أكثر من 5 أطنان من المواد الغذائية المتنوعة غير الصالحة للاستخدام الآدمي، بينما بلغت الكمية التي تم إتلافها طوال العام الماضي 2022، حوالي 9 أطنان.
وتتوزع الكميات التي تم ضبطها في الحملات التي شملت كذلك صنعاء وعدن وتعز بين مواد غذائية منتهية الصلاحية ومغشوشة ومشروبات ومواد استهلاكية متنوعة.
(العربي الجديد)
الخبر السابق