شروين المهرة: RT
وصف البروفيسور ديفيد توماس صفحات القرآن الكريم التسع المكتوبة على رق من جلد الماعز، المكتشفة في 22 يوليو عام 2015، والتي تعد أقدم مخطوطة اكتشفت من نوعها، بأنها “كنز لا مثيل له”.
المخطوطة الثمينة وهي عبارة عن أجزاء من القرآن الكريم، عثر عليها بين محطوطات كانت مخزنة في جامعة برمنغهام البريطانية. هذا الاكتشاف المذهل تأخر على الأقل مئة عام، إذ أن هذه المخطوطة كانت محفوظة في مكتبة الجامعة لما يقرب من قرن من الزمن. وهي ضمن مجموعة تتكون من حوالي 3000 كتاب ووثيقة شرقية، كان نقلها اللاهوتي الأشوري ألفونس منغانا في عام 1920 إلى جامعة برمنغهام، وحفظت هناك في المكتبة. منغانا كان يرعى دير كلدانيا يقع بالقرب من مدينة الموصل العراقية.
الآيات القرآنية في هذه المخطوطة كتبت بالخط الحجازي ويعد أول الخطوط العربية. المخطوطة بقيت في مستودعات المكتبة إلى أن لفتت أنظار أحد طلاب الدراسات العليا في الجامعة. المفاجأة التي أذهلت الجميع جاءت من نتائج تحليل الكربون المشع.
أظهرت دراسة أجريت في قسم تكنولوجيا الكربون المشع بجامعة أكسفورد أظهرت أن النص القرآني مكتوب على قطع من جلد الأغنام أو الماعز. حدد هذا الفحص عمر المخطوطة بنسبة دقة 95 بالمائة، مظهرا أنها كتبت في الفترة بين عامي 568 – 645 ميلادي، ما يجعل منها النسخة القرآنية ربما الأقدم في العالم حتى الآن.
خبير مخطوطات المكتبة البريطانية الدكتور محمد عيسى والي كان علق على هذا الحدث الاستثنائي بقوله، إن هذا الاكتشاف المذهل سيدخل السعادة إلى قلوب المسلمين.
البروفيسور ديفيد توماس المتخصص في المسيحية والإسلام، افاد حينها بأن “هذه النصوص يمكن أن تعيدنا إلى السنوات الأولى للإسلام”، لافتا إلى أن سيرة النبي محمد تشير إلى أن الوحي أنزل على الرسول بين عامي 610 و632 ميلادي، وأن العمر المحتمل لمخطوطة برمنغهام يعني أنها كتبت في زمن النبي.
البروفيسور المتخصص أشار أيضا إلى “هذه الأجزاء من القرآن التي تم العثور عليها يمكن أن تعود بدرجة معينة من اليقين إلى أقل من عقدين بعد وفاة النبي محمد.”
الخبراء يلفتون إلى أن تقنية الكربون المشع لا تحدد التاريخ بدقة، ولكنها تعطي نطاقا زمنيا محتملا لكتابة النص، ولذلك يستحيل القول على وجه اليقين أن هذه الوثيقة أو تلك من المخطوطات القديمة هي النسخة الأكثر قدما في العالم للقرآن الكريم. مع ذلك تعد نسخة برمنغهام التي أظهرت التحليلات أنها تعود إلى عام 645 الميلادي، واحدة من أقدم نسخ القرآن.
الخبير الشهير بالمخطوطات الفارسية والتركية في المكتبة البريطانية الدكتور محمد عيسى والي يشير إلى أن نسخا من “النسخة الأخيرة” للقرآن الكريم كانت وُزعت في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان، وأن المخطوطة المكتشفة في برمنغهام، هي بقايا ثمينة محفوظة من تلك النسخ الأولية، وربما حتى قبل ذلك العهد.
بالمقابل، يشكك خبراء بما في ذلك سعوديون في أن تكون مخطوطة برمنغهام قد كتبت خلال حياة النبي محمد، وذلك نظرا لأنها كتبت بتصميم فصل يشير إلى نهاية الآيات وباستخدام الحبر الملون.
علاوة على ذلك وبالنظر إلى مظهرها، يرجح باحثون من العالم الإسلامي أن تكون هذه المخطوطة قد كتبت في العصر الأموي. في هذا السياق، يلفت سليمان بيرك، المتخصص التركي في الفن الإسلامي إلى أن أسلوب الكتابة في مخطوطة برمنغهام، يرجع تاريخها إلى العصر الأموي، نهاية القرن السابع بداية الثامن، مضيفا أن عينات عديدة لمخطوطات من تلك الفترة توجد في المتاحف.