شروين المهرة: خاص
ثار غضب عارم في اليمن، ورفض تام لأي تدخلات أو ضغوطات أممية، إثر رسالة وجهها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد العليمي، داعياً فيها إلى وقف قرارات البنك المركزي اليمني في الحكومة اليمنية.
وتجلى هذا الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي بالإضافة إلى احتجاجات حاشدة بدأت يوم السبت في شوارع مدينة مأرب، بحشود غفيرة، مرددين شعارات مناهضة لتدخلات غروندبرغ وداعمة لقرارات البنك المركزي، ويوم الاثنين ستكون المظاهرات في تعز.
وجاءت رسالة غروندبرغ رداً على قرارات حديثة للبنك المركزي اليمني، يقضي بتعليق تراخيص ستة بنوك يمنية، في إطار مساعيه لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز الاستقرار المالي في البلاد.
وفي رسالته، أعرب غروندبرغ عن قلقه البالغ من أن تؤدي قرارات البنك المركزي إلى وقف وصول هذه البنوك إلى البنوك المراسلة ونظام سويفت، مما سيؤثر سلباً على الاقتصاد اليمني ومعيشة المواطنين في جميع أنحاء البلاد.
ودعا غروندبرغ الحكومة اليمنية والبنك المركزي إلى تأجيل تنفيذ هذا القرار حتى نهاية أغسطس 2024، مشدداً على ضرورة إبلاغ البنوك المراسلة ونظام سويفت بهذا التأجيل وتوجيههم بتأجيل أي إجراءات قد تؤثر سلباً على البنوك اليمنية.
كما أكد غروندبرغ على دعمه لإطلاق حوار تحت رعاية الأمم المتحدة بين الأطراف اليمنية لمناقشة التطورات الاقتصادية الأخيرة، بهدف الوصول إلى حلول تصب في مصلحة جميع اليمنيين وتنسجم مع الالتزامات المتفق عليها بين الأطراف، مشيراً إلى تواصله مع جماعة الحوثيين للحصول على التزامهم بالمشاركة في هذا الحوار.
ولكن قوبلت دعوة غروندبرغ للتأجيل برفض قاطع من قبل الحكومة اليمنية والبنك المركزي اليمني، واعتبر اليمنيون هذه الرسالة بمثابة تدخل صارخ في شؤونهم الداخلية، ومسعىً لضمان مصالح الحوثيين على حساب معاناة الشعب اليمني.
وعبر العديد من الصحفيين والمحللين السياسيين والناشطين عن استيائهم من الضغوط التي تمارس على مجلس القيادة الرئاسي للتراجع عن قرارات البنك المركزي اليمني في عدن، رصد شروين المهرة أبرز التغريدات، حيث انتقد الصحفي عبدالرحمن أنيس في تغريدته على منصة إكس، صمت المبعوث الأممي إزاء سلسلة من الانتهاكات التي ارتكبها الحوثيون، بما في ذلك منع تصدير النفط الخام لأكثر من عامين، وشن حرب اقتصادية على الحكومة الشرعية أدت إلى ارتفاع سعر صرف الدولار إلى 1890 ريال.
كما أشار إلى منع الحوثيين تداول العملة الوطنية وإيجاد حالة من الانقسام النقدي، بالإضافة إلى الانتهاكات التي طالت القطاع المصرفي، بما في ذلك اعتقال القيادات الإدارية في بعض البنوك الخاصة وتنصيب إدارات موالية للمليشيا.
وأكد أن المبعوث الأممي هرع لإنقاذ الحوثيين من قرارات البنك المركزي المعترف به دولياً، كما فعل سلفه مارتن جريفث لإنقاذ المليشيا من خسارة مدينة الحديدة ومينائها عام 2018.
وأوضح أن تهاون أمريكا والمجتمع الدولي هو ما أبقى الحوثيين في السلطة حتى الآن.
ونشر الكاتب والمحلل السياسي العميد خالد النسي في حسابه على منصة إكس تغريدة مشيرًا فيهآ إلى تناقضهم في الشعارات التي يرفعونها ضد أمريكا وإسرائيل، بينما تتولى هذه الدول والأمم المتحدة حمايتهم وإنقاذهم عند تعرضهم للتهديد.
وأوضح أن المبعوث الأممي لا يشعر بالقلق إلا عندما يتعرض الحوثيون لتهديد، مشيراً إلى أن قرارات البنك المركزي الأخيرة التي استهدفت النظام المصرفي في مناطق الحوثيين أثارت قلق المبعوث الأممي الذي يسعى لتأجيل هذه القرارات بحجة الحفاظ على الاقتصاد اليمني.
وأكد أن الحوثيين هم أدوات الاستعمار الجديد لزعزعة أمن المنطقة ونهب مواردها، وأن أمريكا والأمم المتحدة تعملان على حمايتهم تحت ذرائع إنسانية كاذبة.
وكتب د. فارس البيل: “لم يتحرك المبعوث الأممي حين قصفت مليشيا الحوثي ميناء الضبة وعطلت التصدير والاقتصاد الوطني تماماً، ولم يتحرك هكذا حين فرضت المليشيا انقساماً نقدياً، وطبعت عملة غير شرعية، ونهبت الموارد الوطنية وأموال الناس وميزانية المرتبات، وأموال المانحين، واختطفت الطائرات، بل الوطن بأكمله!”
الناشط حسام أشار في تغريدته إلى التخادم الخفي والدعم الملوث للحوثيين، موضحاً أن المبعوث الأممي يحاول الضغط على الحكومة اليمنية عندما يتم تضييق الخناق مالياً على الحوثيين.
وأكد أن هذا هو سر بقاء الحوثيين وليس قوتهم العسكرية كما يدعي البعض، موضحًا أن هذا السيناريو تكرر عندما اقتربت القوات اليمنية بدعم التحالف من تحرير الحديدة وصعدة، حيث تدخل الضغط الأممي لإيقاف العمليات العسكرية لإنقاذ الحوثيين، مشيراً إلى أن السعودية هي التي تملك القرار النهائي.
وغردت الناشطة ابتسام أبو دنيا قائلة: “أقسم بالله العظيم لو يتعاطى الرئيس مع هذه الرسالة فهي نهاية اليمن ولا عاد تلوموا أحداً، لوموا رئيسكم الذي يتعاطى مع الصعلوك الأصفر بمسمى مبعوث أممي. على الدكتور رشاد رفض استقبال المبعوث أو الحديث معه وكذلك الحكومة”.
واردفت: “فاحترموا أنفسكم واحترموا الدماء التي سفكت واحترموا نضال البنك المركزي إن أردتم أن نحترمكم. مالم فلا احترام لكم ولا قيمة لكم عندنا. رفعت الأقلام وجفت الصحف.”
الصحفي عادل شمسان انتقد المبعوث الأممي جروندبرج، مشيراً إلى أنه أصبح مبعوثاً خاصاً لحماية الحوثيين ومصالحهم. وأوضح أن سلفه السابق أوقف تحرير الحديدة، واليوم يروجون أن ما يقوم به البنك المركزي الشرعي هو ضمن صراع اقتصادي ويزايدون بأنه سيضر بمصلحة اليمنيين.
وأكد أن طلب المبعوث تأجيل قرار البنك المركزي إلى نهاية أغسطس هو دليل على صواب القرار، وأن التأجيل يهدف لتمكين مليشيا الحوثي من ترتيب أوراقها وسحب الأموال. ودعا الحكومة والبنك المركزي إلى عدم الرضوخ لهذه الضغوط، مؤكداً أن القرار سيادي ويهدف لمصلحة الوطن ومستقبله.
الإعلامي علي ناصر العولقي انتقد بشدة المبعوث الأممي إلى اليمن، مشيراً إلى صمته إزاء استهداف الحوثيين لموانئ تصدير النفط في محافظات الجنوب، وهو ما أدى إلى انهيار اقتصادي فاقم من معاناة المواطنين المعيشية والخدمية.
وأوضح العولقي أن المبعوث الأممي تدخل لإنقاذ الحوثيين عندما اتخذت الحكومة الشرعية قرارات بنقل البنوك من صنعاء، الخاضعة لسيطرة المليشيات، إلى العاصمة عدن، متهماً إياه بممارسة سياسة الكيل بمكيالين، مؤكدًا أن جميع تحركات المبعوث الأممي تصب في مصلحة الحوثيين، تحت ذريعة الحفاظ على معيشة المواطنين البسطاء في محافظات الشمال.
والجمعة أفادت وكالة سبأ الحكومية، بأن مجلس القيادة الرئاسي،اطلع على رسالة المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانس غروندبرغ والتي تضمنت طلب دعم رئيس وأعضاء المجلس لإطلاق حوار برعاية الأمم المتحدة لمناقشة التطورات الاقتصادية الأخيرة وسبل حلها بما يخدم المصلحة العليا للشعب اليمني، وأكد، تمسكه بجدول أعمال واضح للمشاركة في أي حوار مع الحوثيين برعاية أممية حول الملف الاقتصادي، مشترطاً استئناف تصدير النفط، وتوحيد العملة الوطنية، وإلغاء كافة الإجراءات الحوثية بحق القطاع المصرفي.