شروين المهرة: غرفة الأخبار
يعد جبل شروين في مديرية قشن شاهداً تاريخياً على صمود أبناء محافظة المهرة، ومعلماً ثقافياً يحمل بين طياته موروثاً عريقاً يعكس هوية المحافظة، وحارساً أميناً لذاكرة شعب لا يقبل المساومة، ولذلك فإن أي محاولة للمساس بهذا الجبل تعد تهديداً لهوية أبناء المهرة وكرامتهم.
اليوم، يعود هذا الجبل التاريخي إلى واجهة الأحداث، يعود كنقطة صراع جديدة تتشابك فيها المصالح السياسية والاقتصادية مع الإرادة الشعبية، في ظل تحركات شركة إجهام الإماراتية لإنشاء ميناء بحري في جبل شروين التاريخي بمدينة قشن المهرية.
نوايا الإمارات الخبيثة أثارت موجة غضب واسعة بين قبائل المهرة، الذين يرون في هذه التحركات تهديداً لسيادة أرضهم ونهباً لمواردهم، وبين ثنايا هذه القضية يكمن فصل جديد من معركة الشعب اليمني من أجل الحفاظ على كرامته وحقوقه الوطنية.
وفي تحركات مثيرة للجدل بحسب مصادر مطلعة، يجري مدير الشركة علي متاش، سلسلة من الاجتماعات مع مسؤولين محليين، سعياً لإنهاء إجراءات تسليم الموقع لصالح الشركة عبر مؤسسة موانئ البحر العربي، إلا أن هذا الحراك لم يمر دون أن يثير غضب قبائل المهرة ولجنة الاعتصام السلمي، اللتين رفضتا المشروع بشكل قاطع، ووصفتا التحركات بأنها محاولة مكشوفة للسيطرة على موارد المحافظة وثرواتها تحت غطاء مشاريع استثمارية.
قبائل المهرة التي طالما عرفت بتمسكها بسيادة أراضيها، أكدت أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا المشروع الذي تعتبره تعدياً صارخاً على حقوقها الوطنية ومقدراتها، وبدورها أصدرت لجنة الاعتصام السلمي بياناً شديد اللهجة حذرت فيه من خطورة تسليم جبل شروين، لا سيما في ظل الظروف السياسية والأمنية المعقدة التي تعيشها اليمن.
من أبرز النقاط المثيرة للجدل حول هذا المشروع، هو المدة الزمنية الطويلة التي تمتد لخمسين عاماً، والتي اعتبرتها المصادر القانونية مخالفة صريحة للتشريعات اليمنية، خصوصاً وأن البرلمان اليمني سبق وأن أعلن معارضته لهذا المشروع، وهو ما يعزز رفض أبناء المهرة لأي خطوات تتخذ دون موافقة شعبية واضحة.
قبائل المهرة أظهرت إصراراً لا يلين على الدفاع عن حقوقها، حيث أكد مصدر مسؤول في لجنة الاعتصام السلمي أن أبناء المهرة، إلى جانب كل الأحرار، لن يسمحوا بتمرير المشروع بأي شكل من الأشكال، ولن يترددوا في اتخاذ كافة التدابير الضرورية للدفاع عن أرضهم وثرواتهم.
ما تشهده محافظة المهرة اليوم في صراعها حول جبل شروين التاريخي يعكس صورة أعمق للصراع اليمني على السيادة والكرامة الوطنية، فهذا الجبل الذي كان لقرون شاهداً على قوة وصلابة أبناء المهرة، تحول اليوم إلى محور لنضال جديد يتجاوز الجغرافيا، ليصبح رمزاً لإرادة شعب يرفض الرضوخ للأطماع أو المساومة على حقوقه، وبينما تستمر التحركات لفرض مشروع إنشاء ميناء بحري في هذه المنطقة الاستراتيجية، يبقى أبناء المهرة، بقياداتهم وقبائلهم، حجر العثرة في طريق كل من يحاول المساس بسيادتهم أو استغلال ثرواتهم.
ختاماً، يظل جبل شروين شاهداً على أن التاريخ لا يكتب بمن يملك القوة أو النفوذ، بل بمن يملك الإرادة، وفي هذه المعركة التي يخوضها أبناء المهرة، تتجلى دروس عميقة عن معنى الكفاح من أجل السيادة، وعن شعب يدافع عن حقه في تقرير مصيره، ليؤكد أن الأرض لا تباع، وأن الهوية لا تخضع للمساومة.