تقارير

اللغة السقطرية… تراث لغوي عريق يصارع من أجل البقاء

شروين المهرة: خاص

في أرخبيل سقطرى المطلة على المحيط الهندي وإحدى محافظات اليمن يتحدث أبناؤها بلغتهم الخاصة والقديمة فهي بالنسبة لهم تاريخ وهوية ثقافية رغم تعرضها للإهمال من قبل السلطات اليمنية خلال العقود الماضية.

ويمتد تاريخ اللغة السقطرية إلى آلاف السنين، فهي لغة قديمة وأصيلة من اللغات السامية لكنها تصنف اليوم من اللغات المهددة بالانقراض لعدم وجود مراكز تعليم ودراسات خاصة، بالإضافة إلى انفتاح سكانها على العالم.

ويحتفل أبناء سقطرى بشكل خاص واليمن بشكل عام غدا الأحد 3 مارس بيوم اللغة السقطرية الذي تم فيه إشهار مركز اللغة السقطرية للدراسات والبحوث العام الماضي.

ويأمل أبناء الجزيرة أن يساهم المركز الجديد في الحفاظ على اللغة السقطرية بالإضافة إلى تدوين الشعر والقصص والعادات والتقاليد والألفاظ والمعاني ومفرداتها وأدبها وبلاغتها وأمثالها وحكمها.

ويوجد في الأرخبيل الكثير من الباحثين والخبراء الذي يمتلكون خلفية واسعة عن اللغة السقطرية، وفي حال تم الاهتمام بالمركز ودعمه سيكون بوابتهم الوحيدة لتحقيق أحلامهم بإحياء لغتهم والأم والحفاظ عليها من الاندثار.

ويشير الكاتب السقطري عبد الكريم بن قبلان إلى أن الأرخبيل عانى من التهميش، والإقصاء، والانعزال مع تعاقب الأنظمة على اليمن.

ويضيف في مقال نشرته صحيفة الأصوات العالمية أن سقطرى كانت من أكبر الخاسرين في الرهانات السياسية التي ألقت بظلالها على واقع الناس واللغة. إذ حجب ضباب التهميش كينونة سقطرى الثقافية، وحراكها اللغوي والأدبي، حيث لا تزال حتى اللحظة في صراع مع الانفتاح التكنولوجي.

ويرى أن سكان الجزر حافظوا على التزامهم في التواصل بلغتهم الأم، على الرغم من افتقارهم للخدمات الأساسية مثل الإنترنت وشبكة الاتصالات، مما أفضى إلى تقيد حرية تعبير السقطريين بشكل كبير، كما أثر سلب في معركة بقاء اللغة السقطرية أمام كل التحديات والمخاطر التي واجهتها منذ القدم وحتى هذه اللحظة.

غياب الإنترنت

من جانبه يقول الأكاديمي السقطري الدكتور أحمد تربهي إن غياب الإنترنت عن الشعب السقطري أدى إلى عدم تدوين اللغة السقطرية، والحفاظ عليها، لكونها إرثا حضاريا فريدا من نوعه، مما يؤثر على استخدام اللغة، وأضاف:

وبين أن ضعف الإنترنت من خلال معطيات الخدمة المتوفرة حاليا، والتي لا تفي بالغرض، وانعدام خدمة الإنترنت في غالبية مناطق سقطرى، بالإضافة إلى ارتفاع سعر الاشتراك إلى مستوى لا يتناسب مع دخل الفرد، هي أبرز الأسباب التي ساهمت في عدم انتشار اللغة السقطرية.

ويذهب الأكاديمي أحمد سالم العامري إلى أن اللغة السقطرية خذلها التدوين مرتين: الأولى التدوين منذ القدم: حيث لم تحض بأي تدوين لا مخطوط ولا مطبوع في سابق العهد… ولكن من حسنات الماضي أن هناك نظاما معروفا في بناء اللغة الصوتي والكلامي لا يخرج عنه الناس وقد تشكلت حماية أسرية ومجتمعية لهذا النظام بحيث كانوا يضحكون ويسخرون ممن لا يجيد نطق الكلمات بشكلها الصحيح وبمخارجها الأصلية ولكل مجتمع من الناس تميزه الخاص ونبرته الخاصة وبذلك تميز كل قطاع واتجاه ومنطقة عن الأخرى، وبذلك يتعرف الناس على الشرقي من الغربي ويميزون لغة المدني عن الريفي وغير ذلك.

ويرى أن الثانية التدوين الحاضر: فقد خذل التدوين اللغة السقطرية، حيث ظهر العديد من المؤلفات عن اللغة، وظهرت مؤسسات ومنظمات ومراكز تدعي أنها تهتم باللغة السقطرية، ومن المؤسف أن كثيرا من هذه المؤلفات صدرت من غير السقاطرة أنفسهم، وأكثر هؤلاء لا يجيدون العربية ولا السقطرية وأصدروا مؤلفات تحولت مع مرور الوقت إلى مراجع يأخذ منها الباحثون حاجتهم من المعلومات عن اللغة والثقافة السقطرية وغير ذلك وهي في الأساس مجرد آراء غير دقيقة.

يتابع العامري: أمر آخر مؤسف وهو أن جل من اهتم من السقطريين بالتأليف صب جهوده على قضايا جزئية، ولم يتصدوا لنقد خطأ المؤلفات التي تصدت للغة، ولم يصححوها وفي المقابل لم يصدروا إلى الآن أي معاجم أو قواميس، أو نظام كتابي للغة السقطرية.

كتابة ثلاثة حروف

ويقول العامري إن هناك بعض المحاولات قبل بضع سنوات صدرت من بعض الناشطين في الداخل وبمساعدة باحثين من الخارج خرجت فقط بتقنين نظام كتابة ثلاثة حروف هي: (چ، ڛ، ڞ)، وهي محاولات رائعة بلا شك ولكن ينبغي أن تكون واسعة تدرس جميع الأصوات والحروف وتقنن النظام الكتابي، أيضا يتطلب إعداد كيبورد خاصا لهذه الحروف والأصوات المختلفة عن الحروف العربية.

ويقول: حاليا هناك جهود لإعداد قاموس خاص بالمفردات السقطرية ولكن نفس الأخطاء السابقة يقع فيها هؤلاء الباحثون الأجانب، فقد ركزوا اهتمامهم على الحصول على أكبر قدر من المفردات ولم يركزوا على اختيار الناطقين المجيدين للغة، كذلك لم يستعينوا بالباحثين من أبناء سقطرى المجيدين للغة السقطرية الملمين بحروفها وأصواتها ومفرداتها المعقدة ودلالتها المتعددة.

وأوضح أنه أقيم في وقت قريب مهرجان إشهار كتاب في جامعة أرخبيل سقطرى يتحدث عن بعض العادات باللغة الإنجليزية، ولم يكن للسقطرين أي مشاركة فيه، وقد تحدث البعض أنه يحوي إشارة إلى عادات غير واقعية؛ لكني لم أطلع على الكتاب ولم أستطع الحصول عليه.

وأكد أنه يتطلع من مركز اللغة الذي أنشأ حديثا أن يفند هذه الأمور ويبينها بأسلوب علمي ونحن ندعوهم إلى تكريس الجهود للاهتمام باللغة السقطرية.

 

تابعوا شروين المهرة على شروين المهرة

إقرأ أيضاً

تحركات مشبوهة لضباط سعوديين مع شخصيات متطرفة بمحافظة المهرة والقبائل تحذر

المحرر

قنابل البعوض البلازمودية التي دافعت عن سقطرى منذ فجر التاريخ ضد الغزاة الأجانب

المحرر

الإمارات تغرق سقطرى في مستنقع الأزمات وتضغط على أدواتها لمطاردة شيوخ القبائل

المحرر

حملة إلكترونية واسعة احتفاء باللغة المهرية وتاريخها العريق

المحرر

مأرب… العرادة يؤكد على  بناء جيش وطني قوي يمثل ركيزة أساسية لاستقرار الدولة واستعادة مؤسساتها

ماريا

مخطط سعودي لملشنة المهرة…هل يصطدم بالرفض الشعبي والتماسك القبلي؟

المحرر