محمد بن بلحاف
في ظل سعيها لإحكام السيطرة على محافظة المهرة، تحاول قوى الاحتلال السعودي والإماراتي عبر أدواتها المحلية استنساخ تجربة الأحزمة الأمنية في عدن ولحج وأبين والضالع، وتشكيل النخب في حضرموت وشبوة، وذلك تحت مسميات جديدة مثل “الهبة المهرية” أو “النخبة المهرية”. الهدف الحقيقي وراء هذه المساعي هو كبح جماح الحراك القبلي والشعبي الرافض لمشاريع الهيمنة والاحتلال، وتقويض جهود أبناء المهرة في الحفاظ على سيادتهم واستقلال قرارهم.
في الوقت الذي لطالما طالب فيه أبناء المهرة وسقطرى بتمكينهم من إدارة شؤونهم الأمنية والعسكرية، نجد أن ما يحدث اليوم هو محاولة لتفريغ هذه المطالب من محتواها الوطني، واستبدالها بمشروع يكرّس الهيمنة الخارجية. يسعى الاحتلال السعودي الإماراتي، عبر تشكيل هذه القوة المدعومة ظاهريًا من الشرعية، إلى إعادة إنتاج أدواته الاستعمارية، وإضعاف اللحمة الداخلية لقبائل المهرة، التي شكلت الحصن المنيع ضد أي محاولات لتهميش المحافظة أو العبث بثرواتها وأمنها.
التجارب في المحافظات الأخرى ليست ببعيدة عن الأذهان: في عدن ولحج وأبين والضالع: الأحزمة الأمنية التي دعمتها الإمارات أدت إلى زعزعة الأمن، وتغذية الانقسامات المجتمعية، وتحويلها إلى أدوات قمعية بيد الاحتلال.
في حضرموت وشبوة: النخب التي جرى تشكيلها على نفس النمط لم تكن إلا وسيلة لتكريس الهيمنة على الموارد والموانئ الحيوية.
اليوم، تتجه الأنظار إلى المهرة لتنفيذ نفس السيناريو، تحت غطاء دعم أبناء المحافظة، في محاولة لتفكيك النسيج الاجتماعي، وتمكين القوات التابعة لهم من فرض نفوذهم
إننا في هذا الوقت الحرج ندعو أبناء المهرة الأحرار إلى اليقظة التامة من هذا المخطط الممنهج، وإلى الالتفاف حول القيادة القبلية والشعبية الرافضة لمشاريع الاحتلال بكافة أشكالها. كما ندعو الشباب المهري إلى التمسك بمطالبهم الوطنية الحقيقية، والوقوف ضد أي محاولة لاستغلال هذه المطالب لتحقيق أجندات لا تخدم مصلحة المحافظة وأبنائها.
أبناء المهرة ليسوا ضد بناء قوات أمنية وعسكرية من أبناء المحافظة، بل على العكس تمامًا، هم الأحرص على ذلك.
ولكن يجب أن تكون هذه الخطوة خالصة لإرادة أبناء المهرة، بعيدًا عن أي تدخلات خارجية أو أجندات مشبوهة.
نناشد السلطة المحلية بقيادة المحافظ محمد علي ياسر بتحمل مسؤولياتها الوطنية، وعدم السماح بتحويل المهرة إلى ساحة صراع أو خضوعها لمخططات قوى الاحتلال. كما ندعوها إلى الوقوف بجانب أبناء المحافظة، والاستماع لمطالبهم العادلة بعيدًا عن إملاءات الخارج.
محافظة المهرة بتاريخها العريق، وقبائلها الشامخة، لن تكون نسخة مكررة من سيناريوهات الاحتلال في بقية المحافظات. أبناء المهرة ماضون في الحفاظ على هويتهم الوطنية، ورفض أي محاولة للمساس بسيادتهم أو استقلال قرارهم، وسيظل صوتهم موحدًا ضد كل أشكال الهيمنة والاستغلال.