شروين المهرة: غرفة الأخبار
تُنذر منظمات إنسانية عاملة في اليمن بكارثة إنسانية متفاقمة، وسط تفاقم الأوضاع المعيشية في ظل نقص حاد في التمويل، وتزايد الاضطرابات الجوية، وتدهور البنية التحتية، وانهيار الخدمات الأساسية. وتحذر المجموعة، التي تضم أكثر من 50 منظمة دولية، من أن ملايين اليمنيين قد يُلقون في براثن المجاعة في حال لم تُتخذ إجراءات عاجلة خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وأشارت التقارير إلى أن أكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون خطر الجوع المفاجئ، منها 41 ألفًا على الأقل معرضون لخطر الجوع الشديد، في حين يعاني ما لا يقل عن 2.4 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد، بما في ذلك مئات الآلاف المهددين بالوفاة إذا لم يُقدَّم لهم علاج فوري. وسجلت الأرقام وفاة طفلين على الأقل في الأشهر الأخيرة بسبب سوء التغذية، وسط تزايد حالات التساقط في معدلات البقاء.
وأفادت المنظمات بأن الوضع سينتقل إلى مستوى مأساوي في الأشهر القادمة، خصوصًا مع استمرار تراجع المساعدات الإنسانية، وتدهور الاقتصاد، وتكرار الفيضانات التي اجتاحت مناطق متعددة خلال الأسابيع الماضية. وقد أودت الفيضانات بحياة 157 شخصًا، ودمرت ملاجئ، وجرفت أراضٍ زراعية، وشردت أكثر من 50 ألف أسرة، معظمها نازحة داخليًا، ما عرّض ملايين الآخرين لمزيد من التصحر الاقتصادي.
وأشارت التقارير إلى تفشي أمراض معدية بسرعة، إذ سُجلت أكثر من 58 ألف حالة مشتبه بها من الكوليرا والإسهال المائي الحاد حتى نهاية يوليو، مع 163 حالة وفاة مرتبطة بها. وتشير تقارير إلى تزايد مقلق في حالات حمى الضنك مقارنة بعام 2024، بينما تُعاني منظومة الرعاية الصحية من تدهور شديد، وصعوبات في الوصول إلى المراكز الطبية، مكّنت الأوبئة من الانتشار بحرية.
وأبرزت المنظمات أن النساء والفتيات يعانين من تأثيرات غير متناسبة، حيث تزداد معدلات الزواج المبكر، وإخراج الأطفال من المدارس، وانتشار عمالة الأطفال، كآليات تكيف سلبية ناتجة عن ضغوط معيشية لا تُطاق. وأضافت أن هذه الممارسات لا تُهدد فقط حاضر الأسر، بل تُهدد مستقبل الأجيال بأكملها.
وأشارت إلى أن التوترات الإقليمية تُسهم في استمرار التصعيد، إذ سُجّلت أكثر من 880 إصابة بين المدنيين في اليمن حتى منتصف عام 2025، مع استهداف متواصل للبنية التحتية المدنية. وترى المنظمات أن الاعتداء على المنشآت الحيوية يُعد انتهاكًا صريحًا للقانون الإنساني الدولي، ويُعدّ عائقًا حيويًا أمام الوصول الإنساني.
وأكدت أن عمال الإغاثة يواجهون تهديدات حقيقية، حيث تم اعتقال عدد من موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني منذ يونيو 2024، ما أدى إلى تعطيل خطط توزيع المساعدات في مناطق حساسة. وحذرت من أن هذه الاعتقالات تُمثل تهديدًا مباشرًا لحياة ملايين الأشخاص.
وأفادت بارتفاع مخاطر توقف البرامج الإنسانية، إذ بلغ تمويل خطة الاستجابة لليمن لعام 2025 نحو 18% فقط بحلول أوائل سبتمبر، وهو أدنى مستوى منذ عقد من الزمن. ورغم أن الخطة تستهدف مساعدة 10.5 مليون شخص من أصل 19.5 مليونًا محتاجًا، فإن التمويل الحالي يعني أن غالبية السكان سيُتركون بلا دعم مخطط له.
وأشارت المنظمات إلى أن العمل الإنساني يواصل تقديم المساعدة رغم القيود، حيث يُقدّم الغذاء والماء والرعاية الصحية والحماية لملايين من الأشخاص، إلا أن النطاق لا يتجاوز 3.7 مليون شخص شهريًا، أي أقل من 35% من المستهدفين. واعتبرت أن هذا يُظهر القدرة على العمل، لكنه يُبرز أيضًا حجم الفجوة التي لا يمكن سدها بدون دعم عاجل.
وطالبت المنظمات المجتمع الدولي باتخاذ خطوات ملموسة خلال الدورة الثامنة للجمعية العامة للأمم المتحدة، منها:
زيادة التمويل الإنساني بشكل عاجل لضمان استمرار توريد الغذاء والمياه والرعاية الصحية.
ضمان حماية مراكز الحماية والخدمات المدنية، وربط المساعدات بالاستدامة والتنمية.
ربط الاستجابة الإنسانية ببرامج تعزيز سبل العيش والخدمات الأساسية، لوقف دورة الاحتياجات المتكررة.
إدانة الهجمات على المدنيين وفرض التزامات على جميع الأطراف بالامتثال للقانون الإنساني.
استخدام النفوذ الدبلوماسي للإفراج عن جميع العاملين في المجال الإنساني المعتقلين.
تعزيز المبادرات الدبلوماسية لدعم عملية السلام، وضمان عدم تهميش اليمن في سياق الصراعات الإقليمية.
وأكدت المنظمات أن الشعب اليمني لا يمكنه تحمل المزيد من المعاناة، وأن الوقت قد حان لاتخاذ قرارات حاسمة، لإنقاذ أرواح ملايين البشر، ومنع كارثة إنسانية لا يمكن تجنبها.