ــ بحبك أمتطيتُ صهوة الجنون أغتالت يدَّ العشق مبادئ قدستُها سنين من عمري وقيمًا حملتًها بروحي إلى ماقبل حُبكَ بقبلتين وبضعُ لحظات…ــ صدقيني أن المرأة التي كنتُ أحلمُ بِها هي أنتِ,لكنَ الرجل الذي تحلمينَ بِه ربما ليسَ أنا,كوني مثلَ كتاباتي التي صنعت تاريخي,ورسمت لشخصيتي ملامحُها,وخلقت هويتي والأنتماءتحملُني دونما قدر وأبحرُ بها بِلا أشرعة تربطني بها علاقة حميمية منذ أول وهلة للحنين,حتى أخر دمعة للغروب,لستُ مستعدًا لأخسرك حتى لو لم تكوني لي’ فما بيننا ليسَ ضيقًا كخرمِ إبرة بل أعمق من البحر وأفسح من السماء”……كانت هذه مقتطفات من رواية مجنـون المدينة، للكاتب عبد الحافظ الصمدي.أيٌ جمال أبهى من حرفِك أيها المجنون”مجنون المدينة” في تعز والأحداث مذهلة في عدننعم عدن من كِدنا نشم روائح الفل والكاذيونسمع أصوات السفن ونرى أسراب من الحمام المحلقة بينَ السطور, هكذا هو الكاتب المذهل من يجعلك في الحدث فلا تغادر الرواية إلا وأنت تتصبب عرقا من معركة أو تلهث من ركض العصابة خلف البطل, الكاتب المذهل كما قد قلت لي ياسيدي ذات نُصح الكاتب يا نادين من إذا ذكر المروحة وصل للقارئ هوائها وشعرَ بِه في جسدة”وأنهُ والله قد وصلني الهواء وشعرتُ بِه في قلبي، أكثر مما كانَ على الجسد.لقد تميز الكاتب بوصفه الدقيق للأشياء، بنقاء الصور الخيالية في الرواية, وفي دقة اختيار الشخصيات وكيفية حديثها بما يتناسب مع دورها.لقد أخذنا الكاتب بشكل مذهل جدًا من عدن إلى تعز وإلى مضياف على وجهة الخصوص.كدتُ أشاهد أزقة عدن وحارتها وركض الأطفالوالعمة ملاك بجلابيتها المتسعة والعم إبراهيم وكأس الشاي بيدة يطلُ من البيرندة “الشُرفة” إلى الشارع..صعدتُ جبال تعز ومشينا طريقها الوعرة ماضين إلى مضياف حيثُ غار العزيز “مجنون المدينة”أستمعنا إلى رواياته الفانتازيا لنندهش بحق.أي مجنون هذا وهو المفوه باسم الوطن ومن تقرع حروفهُ قلب الأنسانية.يتكئ قائلًا:” أحيانًا قطع الوصل أفضل طريقة لحفظ ماتبقى من الود, ومُحيطك إن منحك الثقة بنفسك لا ينتظرك تتملكها حتى يسلبُها منك ويغتال في نفسك التفاؤل”.ضابطٌ أمني هو المجنون “النمس” حينما أدرك حقيقة العابثين، حاولوا شنقهُ من قلبه فقتلوا عائلته وسلبوه مهنته وجعلوه ضحية لحقيبة الآثار المنهوبة بأيادي كل ما يهمُها هو المال ولا شيء سوى المال يُرضي غرئزها الجشعة.تظهرُ إبنته التي كانت مستمعة بالاطلاع على مخطط لم تدرك أبدا أنه كان يعنيها وتقف نهال بجانب المجنون مندهشة وهي لا تعلم شيئا عن الحقيقة المُرة وبأن قصة الفانتازيا هذةِ المرة هي حكاية خطفها من زوجته الثانية وبأنها هي ما تبقى له من دنياه.”حب وعصابة تهريب”, عدن أحتضنت أهل تعز وتعز أحتضنت مجنون الفانتازيا, سائحتان لا تعلمان أن الرحلة مُدبَّرة وأقرب قريب يكونُ رئيس العصابة، والمجنون هو الأب والأب الروحي للقضية الوطنية أيضا والدليل كان العاشق الأزلي لرئيسة التحرير وكان هو نائبُها.”كاترينا” سورية الأصل والقادمة بحيوية وحنكة وحكمة من إيطاليا والصحفي سمير وكذا بشير ومقاله المذهل في الرد على الأقلام المأجورة: “هانحنُ نعيش فن التطبيع على الغرغرة وإن حشرجة الساعة لشيء قريب…”ومقال الواعظ الدموي لكاترينا:”مازالت سكينتهُ حمراء تقطرُ دمًا ومازلت أشلاء ضحاياه عالقة بترسانة الألة المجنونة,ونحيب ممتد إلى الجهة الجهة الأخرى لسقوط المطر”.إنهُ مهما تجلببا الشر بوجهة الخير فلابد ما إن يأتي يوم ويخلع كل أكاذيبهُ.ظهر الحق وزهق حينها الباطل.عصابة الآثار والصقر المكار وكل شركاء السرقة خلفَ زنزانةُ العدل تحجب عن أعينهم نور الشمس ورائحة الأرض فلا عاش من تربى في أرضه ثم خانها.”صباح الخير ياهيثم, صباحٌ كلهُ علقم”، هكذا ينصرف النمس تاركًا لكلماته الست حرية التدحرج في أُذني الصقر لتصل إلى أعماقة بجيش من دبابير تدوي طنينًا في رأسه وتروي لهُ قصة صبر وبطولة وتبرهن معطيات جديدة في الانتصار, فصناعة النصر في معادلة النمس لا تقاس بالزمن ولابعدد الأنتكاسات لكنها قد تتلخص في النهاية في ست كلمات فقط”.أنتهت الرواية ولم ينتهِ مذاقها من عقلي وقلبي والله، هي لم تكن مجرد رواية ممتعة بل فكرة وقضية شديدة الخطورة كنا أمام عصابة آثار وقتل وتهريب وتزوير وكذب وغيره من الوقائع المسطرة في واقعنا.كنا أمام حب عاثر من ماهر وسعاد في أن يُحب المتزوج أخرى وتحبهُ هي بجنون.بكينا لرحيل هيفاء المريضة بالثلاسيماء والذي يتسبب به الأباء حين لا يقومون بعملية الفحص قبل الزواج.بكينا على سعاد ورحيلها المليئ بالوفاء حين رحلت هيفاء المغدورة من العصابة والتي رمت جثتها في شوارع عدن.كُنا أمام صداقة تسطر بذهب حين لم تستحمل رحيل صديقة طفولتها فشهقت شقهة رحلت بها الى جوار هيفاء تاركة ماهر في حالة يرثى لها من غليان دم الانتقام إلى أن أخذ بثأرها وكانت نهايته السجن, هنا ندرك أن الفكرة لم تكن في ماهر وانتقامه بل أن على المرء ألا يتهور مهما كان غضبه بل يترك الأمر للقانون والعدالة..كنا مع نمس “مجنون المدنية” الذي أختلى بغار وحدته بعد أن كان ضابط ذو شأن والمهمات الصعبة.كيف أن الصبر قلب الموازين وكيف أنقلبت طاولة المخططات بأصحابها.اقتباسات:ـ “ليس لدينا عفريت من الجن يأتي بك قبل القيام وإن كان لدينا علم من كتاب فريشة الأجداد لاتحبذ التسرع وتنبذ العجل وتحثُنا بما خطتهُ من أعراف بأنك آت ومسربل بالهوان”.ــ صار للوطنية نكهة النضال والتضحية أشتهاء وماألذ مذاق الفداء هذا المساء.ــ كزجاجة نبيذ ملقاة بعشوائية على كف التيه.ــ “”مثل هؤلاء يتعملون مع بلد بأسره كحقيبة”.أخيـرًا:”” ممتنة بحجم السماء لكتابُك المذهل وحرفُك الأشبه بتوت…””