تابعنا الإعلان عن تشكيل مجلس حضرموت الوطني والذي أُعلن عنه بتاريخ 20 يونيو وهو مجلس ينبغي عليه تولي إدارة محافظة حضرموت، ونحن نأمل ان تعمم هذه التجربة الجديدة على بقية المحافظات بحدودها الإدارية في 21 مايو 1990.
إن هذه التجربة شبيهة بتجربتنا التي طبقناها في عدن ابتداءً من اغسطس عام 1976 حيث منحنا محافظة حضرموت التي كانت تسمى حينها المحافظة الخامسة حق الإدارة الذاتية والقيام بالتنمية والإشراف على كافة الخدمات والمؤسسات فيها.
وكانت بداية جيدة وايجابية تم تعميمها فيما بعد على بقية المحافظات وكانت تلك التجربة يقودها أبناء كل محافظة من ذات أنفسهم ومن داخلها.
وكانت مجالس الشعب المحلية تنتخب مكتباً تنفيذياً لها يقوم بإدارة شؤون المحافظة وكانت القيادات من أبناء نفس المحافظات وليس من خارجها.
كما يقوم المكتب التنفيذي بانتخاب محافظ من أبناء المحافظة ثم يُصدر قرار تعيينه من رئيس الجمهورية..
كانت تلك التجربة ناجحة وأعطت كل محافظة الحق في إدارة شؤونها ومواردها وأية محافظة كانت تعاني من عجز مالي في موازنتها السنوية فيغطى العجز من قبل الحكومة المركزية وبالمقابل فإن المحافظات التي كان لديها فائض في موازنتها تذهب تلك الوفورات الى ميزانية الدولة..
وأدى تطبيق هذه التجربة الى إذكاء روح المنافسة بين المحافظات لتنفيذ مشاريع تنموية في مختلف المديريات والمدن وكان أبناء المحافظات في الداخل والخارج يساهمون في تمويل المشاريع الاهلية في قراهم وبلداتهم كمشاريع المياه والكهرباء والطرقات الفرعية وغيرها… وهذا التنافس الخلاق بين المحافظات حينها سمح بإنجاز برنامج شامل لمحو الامية في أجواء تنافسية رائعة انعكست ايجاباً على إنجاز البرنامج ووصلت نسبة الامية الى 2% فقط، وباعتراف اليونسكو عام 1985 كان التعليم في اليمن الديمقراطية الافضل في المنطقة..
كانت من صلاحيات هذه المجالس إدارة كافة شؤون المحافظة الداخلية باستثاء الجوانب العسكرية والدفاعية والشؤون الخارجية وكذلك المناهج الدراسية الموحدة لعموم الجمهورية كما ان إصدار العملة كان حكراً على البنك المركزي الموحد.
وكانت هناك ميزة أساسية في مجالس الشعب المحلية في تجربتنا السابقة وهي ممارسة الرقابة الشعبية الدؤوبة على نشاط السلطات التنفيذية ووضعها في دائرة المحاسبة المستمرة والرقابة على المال العام وسبل التصرف فيه والإشراف على كل التعاقدات والمناقصات والمشاريع وهو ما سمح بتجفيف كافة منابع الفساد والهدر والاستحواذ.
ونحن ننظر الى ما جرى في حضرموت كأحد الخيارات الواقعية لإدارة شؤون المحافظات في اليمن توطئةً لقيام دولة اتحادية مقبولة من كافة أبناء الشعب.
ونعلم ان ذلك لن يتحقق في ظل الحرب والتشتت الوطني ويتطلب مسبقاً وقف الحرب بشكل نهائي والاتفاق على رؤية خلاقة لاستعادة الدولة بمؤسساتها وانظمتها وقوانينها وحكومتها الواحدة وجيشها الوطني الواحد الذي له وحده حق احتكار السلاح.
ونأمل ان تكون هذه التجربة خطوة في الطريق الصحيح..