شروين المهرة: محمد مرشد العرشاني
في يوم 21 سبتمبر 2014، استيقظ اليمنيون على حدث سيظل محفورًا في ذاكرة الأمة اليمنية لعقود قادمة. إنه يوم نكبة 21 سبتمبر، حينما سيطرت مليشيا الحوثي، مدعومة بالقوة العسكرية والدعم الخارجي، على العاصمة صنعاء، وانقلبت على الحكومة الشرعية.
في ذلك اليوم، حاصرت مدرعات الحوثيين منزلنا، كما حاصرت مئات المنازل الأخرى، وأطلقت عليه القذائف والرصاص بشكل عشوائي ، وكأنهم عازمون على الاساءة لكل الشخصيات الجمهورية ، ليستمر بعدها مسلسل النهب والسلب والتدمير لممتلكات كل أسرة وكل فرد ينتمي إلى المشروع الجمهوري، وكأن الهدف كان القضاء على رمزية الجمهورية نفسها.
ما حدث في صنعاء لم يكن مجرد انقلاب سياسي أو عسكري، بل كان محاولة لإعادة اليمن إلى عهد الإمامة السلالية، التي كانت قد سقطت قبل أكثر من خمسين عامًا بثورة 26 سبتمبر المجيدة.
لم تكتفِ ميليشيات الحوثي بالسيطرة على صنعاء، بل سرعان ما بدأت بالتوسع في كل الاتجاهات. انطلقت قطعانهم لتستولي على ما تبقى من المحافظات اليمنية، واحدة تلو الأخرى، مستخدمين في ذلك الترهيب والعنف الذي لم يشهد له اليمنيون مثيلًا منذ عهود الامامة.
لم يكن يوم 21 سبتمبر مجرد انقلاب عسكري، بل كان بداية حقبة مظلمة في تاريخ اليمن الحديث. عانى الشعب اليمني منذ ذلك اليوم من ويلات الحرب والفقر والجوع. نزح الآلاف من منازلهم، وفُقدت مصادر الرزق، وأصبح الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة حلمًا بعيد المنال. كما تفشت الأمراض والأوبئة بسبب الحصار المفروض على المدن والقرى، وتفاقمت الأوضاع الإنسانية في ظل انهيار الدولة والاقتصاد.
و لم يكتفوا بالاستيلاء على السلطة، بل استولوا على مقدرات الجيش الجمهوري. تلك الدبابات والمدرعات التي كان من المفترض أن تحمي الشعب، أصبحت في يد الكهنوت تُستخدم لتدمير المدن والقرى. لقد تم تسليم مقدرات الدولة لهم على طبق من ذهب، في مشهد لا يمكن نسيانه. الجيش الذي وُجد للدفاع عن الوطن، أصبح أداة في أيدي الميليشيات.
نكبة 21 سبتمبر لم تكن لتحدث إلا بتقاعس وغباء بعض الاطراف، وخيانة البعض الاخر.
نحن بحاجة إلى مراجعة شاملة لما حدث، ولماذا سقطت العاصمة صنعاء بهذه السرعة، ولماذا فشلنا في الدفاع عن الجمهورية. هناك مسؤولية جماعية يجب أن يتحملها الجميع، من السياسيين والعسكريين وحتى المواطنين. الكارثة التي حلت باليمن ليست نتيجة لحظية، بل نتاج سنوات من التراخي والخلافات السياسية التي تركت البلاد عرضة للسقوط.
ما بين نكبة 21 سبتمبر وثورة 26 سبتمبر ليست مجرد بضعة أيام تفصل بينهما على التقويم، بل هي مرحلة مظلمة في تاريخ اليمن. مرحلة قُتلت فيها الأحلام، وشُردت فيها الأسر، وسُلبت فيها الكرامة. لكنها أيضًا مرحلة أثبت فيها اليمنيون أنهم لا يزالون يقاومون، وأنهم لن يستسلموا للكهنوت مهما طال الزمن.
رغم النكبة التي حلت باليمن في 21 سبتمبر، إلا أن روح ثورة 26 سبتمبر لا تزال حية في قلوب اليمنيين. إنها الثورة التي حررتنا من الحكم الإمامي السلالي ، وهي نفس الثورة التي ستعيد لنا اليمن من أيدي الكهنوت. لقد عشنا منذ انقلاب 21 سبتمبر أكثر من عقد من الجوع والموت والجهل والتشرد، لكننا لا نزال نؤمن بأن الظلام لن يدوم، وأن النور سيعود مع عودة الجمهورية.
في الختام، 21 سبتمبر ليس مجرد يوم في التقويم اليمني، بل هو جرح عميق في ذاكرة الوطن، جرح لن يندمل إلا بعودة اليمن إلى مسارها الطبيعي كجمهورية حرة مستقلة، تحكمها العدالة والقانون، لا الطائفية والاستبداد ، ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا