يُعرف الأتراك بالتصميم والصمود وحتى العناد! فقد يقاومون ويعاندون حتى لمَا تبدو أنها أقدار حتمية لا مناص من التسليم بها، عند أقوام أخرى.
كان يقول أتاتورك لرفاقه في الحرب وهم يدافعون عن تركيا: إذا أُصبتَ، فحاول أن تستمر في القتال حتى الموت، فبين الإصابة والموت، قد يأتي في مكانك من يكمل المعركة وينتصر! رعاة الغنم الأتراك، القادمين، من سهوب آسيا الوسطى القاحلة، مع قطعانهم، في رحلة طويلة شاقة وعسيرة، تخللها صراع بقاء وحروب طوال الطريق وعبر محطاته، استطاعوا في نهاية الرحلة، إقامة تحالفات، مع عائلات محلية مسيحية نافذة في هضبة الأناضول، بشروط ميسرة من ضمنها توفير الحماية، وضرائب أقل، وهزموا البيزنطيين في مواقع عدة، ثم توسعوا عبر السنين والقرون، حتى صاروا الدولة الأعظم في العالم، ذات حين.
منذ مئة عام فقط تلاشت الإمبراطورية التي أسسها آل عثمان، بعد الهزيمة في الحرب العالمية الأولى، وبعد ما حكمت ستمائة عام، وكانت في مراحل طويلة من تاريخها أهم وأقوى دولة في العالم على الأطلاق.
وأسهمت في تشكيل العالم الحديث، كما نعرفه، اليوم، وكما يرى أستاذ ورئيس قسم التاريخ في جامعة ييل الأمريكية ألن مايكل، الذي يقول أيضاً في كتابه، The God’ s Shadow: إن سيطرة الدولة العثمانية على أجزاء كبيرة من حوض البحر الأبيض المتوسط، وأوروبا، وهزائم الأوربيين المتتالية على أيديهم ويأس الأوربيين من تحقيق أي نصر ضدهم في حقبة الصعود، الذي استمر حوالي مئتي سنة، هو الذي دفع الاوربيين إلى خوض غمار المحيطات وأعالي البحار، والتوجه بعيدا ً غرباً، باتجاه الأمريكيتين، وأن مقاتل مغامر مثل كريستوفر كولومبس، الذي سبق وقاتل في جيوش إيزابيلا وفيرناندو، ضد العرب المسلمين في الأندلس، رأى أن سقوط اسطنبول، يؤذن بنهاية العالم! يحضرنا الآن، ما يحدث في دنيا اليمن وعالم حبايبنا وأشقائنا العرب، في أيامنا، وبالمقارنة؛ كيف أن قبيلة تركية، تتحالف مع آخرين لا يمتون لها بصلة، وتقيم إمبراطورية ضخمة من أهم الإمبراطوريات في التاريخ، فيما أن عرباً في اليمن، يكادون أن يكونوا على جد واحد، يعملون جاهدين، على تمزيق وطنهم وكيانهم-الصغير نسبياً-ودولتهم الفقيرة، بمساعدة ودعم أبناء عمومتهم العرب الأغنياء، غير المحدود! نعم هناك من يقدم دعماً سخياً لتجزئة أشفاءه في اليمن! يا له من دعم ومساعدة وأخوة! ويا له من عصر عربي بئيس! بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، استطاع الأتراك تحرير تركيا من الاحتلال، ومن ثم الحفاظ على تركيا، متعددة القوميات أيضاً، وكان أبرز زعماء تركيا، في المئة عام الأخيرة، من تاريخ تركيا الحديثة؛ مصطفى كمال أتاتورك، ورجب طيب أردوغان..
وقد خاض كل منهما معركته بطريقة مختلفة، لكن نجاح تركيا ومجدها والحفاظ على وحدتها، وكرامتها، كان غايتهما معاً.
وقد نجحا معاً، كل منهما بطريقته ووفقاً لأهدافه.
يختلف الناس معهما ويتفقون، كما هو حال أبناء شعبهما، وكما هو التاريخ أيضا، سيتفق مع كل واحد منهما ويختلف.
لكن تركيا والأتراك محظوظون بقادة استثنائيين، بمستوى مصطفى كمال ورجب طيب اردوغان.
ولعل بلداً مثل اليمن، تحتاج أبطالاً ورجال دولة صماصيم، بمستوى كل من هذين القائدين التركيين، وكل منهما له وقت وحين، ولعله الان وقت مصطفى كمال اليمني! كثير من الأمم عندها كمالها وأردوغانها.
ولا أظن نساء اليمن من المهرة، إلى تهامة قد عقمن عن إنجاب بطل واحد أو أكثر! لعلهم بين شبابنا.
أرجو ذلك! وارجو أن يكونوا معتزين باليمن ومنتمين لها وحدها ولديهم من الكبرياء الوطنية ما يكفي، ومحبين لليمن كلها، بمن فيها وما فيها، ولا يكونوا أقزاماً أو طائفيين ولا مناطقيين ولا من العملاء الخانعين التابعين! مبروك لتركيا وعقبى لليمن! * من صفحة الكاتب على الفيسبول
الخبر السابق