فهد كفاين
عندما نتفق جميعا على أن أزمتنا الرئيسية هي سقوط الدولة، ومن ثم غياب مؤسساتها، ونتفق أيضا على وجوب استعادتها كهدف رئيسي وملح فوق كل الأهداف والمهام الأخرى.
فإن ذلك الاتفاق أو التوافق يمثل نقطة قوة بالغة الأهمية.
لكن هل يمكن استعادة مؤسسات الدولة وبناءها بدون عمل مؤسسي؟
تدفع الأزمة الجميع نحو ضعف العمل المؤسسي والارتجال تحت ضغط الواقع الصعب.
حتى المؤسسات الرسمية القائمة يدفعها ضغط الواقع السياسي والاقتصادي والأمني نحو الابتعاد عن العمل المؤسسي والارتجال في سباق شاق مع المشكلات التي أفرزتها الأزمة. فتخرج أغلب القرارات والإجراءات مرتجلة إطفائية تلقائية اضطرارية.
كذلك حال الأحزاب والمكونات السياسية والمكونات المجتمعية بصورة عامة تنزلق هي الأخرى نحو الحالة التبريرية لتجاوز العمل المؤسسي أو تعليقه.
ستصل هذه العدوى إلى القطاع الخاص بدوره فيتماشى هو الآخر مع الوضع ويبدأ بالارتجال والاعتماد علىً الحلول الترقيعية، سيتحدث قادة هذا القطاع بتكرار عما يبذلونه من جهود لتحقيق الاستمرارية بأدنى إنجاز أو التقليل من الخسائر.
وهنا نجد الكل دون استثناء يسير وفق خطة الأزمة نفسها، وليس وفق خطة مواجهتها (الأزمة كيان متعدد الأذرع يعمل على مواجهة كل المحاولات التي تهدف إلى استعادة الدولة ومؤسساتها وسيادتها) وهنا أيضاً وفي هذه الحالة فرضت الأزمة أسلوبها وطريقتها في إدارة المرحلة.
الأزمة تدفعنا نحو مزيد من المضي في طريق اللامؤسسات، الانتقاء في تفعيل النظام والقانون، التبرير للتجاوزات، التركيز على جزئيات هامشية توهمنا ببعض النجاحات المرتجلة وليس لها أثر يذكر على المستوى العام أو الهدف العام.
تدفعنا الأزمات بضغطها السياسي والمجتمعي والإعلامي إلى تتبع بقع الضوء العشوائية هنا أو هناك، تتقافز حولنا وفق محددات ومسارات سطحية بسيطة جدا لا تهدف إلى أي إنجاز تراكمي واع.
حدد البعض مجموعة من المبادئ لإدارة الأزمات وحتما ليس من بينها العشوائية والارتجال واللامؤسسات.
ومن تلك المبادئ: (تحديد الأهداف والأولويات، حرية الحركة وسرعة المبادرة، حشد القوى والموارد وتنظيمها، التعاون والمشاركة الفاعلة، السيطرة على الأحداث والتأثير فيها).. إلى آخره.
يلزمنا اليوم تعزيز العمل المؤسسي مهما كان حجمه وقوته وإمكاناته سواء في قطاعات الدولة أو القطاعات الخاصة ولدى منظمات المجتمع المدني وكل تبرير أو تأجيل لذلك سيخدم الأزمة ويعززها دون أن نعي ذلك أو ندركه.
(من صفحة الكاتب على فيسبوك)